https://www.massahat.com/الكلخطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة لتانكريد دورست
Abd-elrahman Mahdy
الكلنصوص مسرحية

خطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة لتانكريد دورست

خطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة

لتانكريد دورست

تانكريد دورست هو كاتب مسرحي وقاص ألماني بارز ولد في 19 ديسمبر 1925 وتوفي في 1 يونيو 2017. عاش وعمل في ميونخ، حيث تضمن إنتاجه الإبداعي المسرحيات الفكاهية، والأمثال، ومسرحيات الفصل الواحد، والتحويلات. استوحى دورست أعماله من مسرح العبث، مستفيدًا من تأثيرات إيونيسكو، وجيرودو، وبيكيت. تعتبر دراما “ميرلين أو الأرض الخراب” (Merlin oder das wüste Land)، التي تم عرضها لأول مرة في عام 1981 في دوسلدورف، من بين أبرز أعماله وقد تمت مقارنتها بـ”فاوست” لغوته.

دراما “ميرلين أو الأرض الخراب” تتميز بأنها عمل ضخم وطموح، يتناول الأساطير والحكايات القديمة بطريقة تعكس التحديات الأخلاقية والاجتماعية في العصر الحديث. دورست لم يقتصر على الكتابة المسرحية فحسب، بل تعدى ذلك إلى كتابة الروايات والقصص القصيرة التي تحمل طابعًا فلسفيًا وتأمليًا. كما كان له دور في إعادة تقديم وتفسير أعمال كلاسيكية من التراث الأدبي العالمي، مما أضاف بُعدا جديدا لهذه الأعمال وجعلها ملائمة للجمهور الحديث.

إنجازاته في المجال الأدبي والمسرحي أكسبته شهرة واسعة واحتراماً كبيراً في الأوساط الثقافية الألمانية والدولية. عُرف دورست بقدرته على التنقل بين الأجناس الأدبية المختلفة بسلاسة، مستكشفًا القضايا الإنسانية العميقة من خلال نصوصه الغنية والمعقدة.

على الرغم من تركيزه على مواضيع ثقيلة ومعقدة، استطاع دورست أن يجعل أعماله متاحة ومفهومة للجمهور العريض، مما يدل على مهارته الكبيرة كمسرحي وقدرته على التواصل مع الجمهور. وفاته في عام 2017 تركت فراغاً كبيراً في الساحة الثقافية الألمانية، لكن أعماله تظل حية وتستمر في التأثير على الأجيال الجديدة من الكتاب والمسرحيين.

الشخصيات

زوجة شابة. جندي. ضابط نحيف. ضابط سمين.

(المنظر: أمام سور المدينة)
(امرأة شابة تقف أمام السور العظيم وتهتف )…

المرأة: أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر!

الضابط السمين  (صوت من أعلى السور): امرأة تريد أن تكلم القيصر! )تسمع

ضحكات في أعلى السور. سكون)

المرأة: أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! انظر إليَّ!

الضابط السمين (صوت): امرأة تريد أن تكلم القيصر.

الضابط النحيف (من أعلى السور): ماذا تريدين من القيصر؟

الضابط السمين (صوت): ماذا تريدين يا امرأة؟
المرأة: أنا زوجة الجندي هسوي لي.

الضابط السمين (صوت) : وأين هو؟

الضابط النحيف (صوت): ألا يُحتمل أن يكون قد مات؟

المرأة: لا تحاولوا إخفاءه. إني أعلم مكانه. فهو يشارك في حراسة البوابة الجنوبية. ا

لضابط النحيف )صوت(: ٌ هل يعرف هنا أحد من الضباط الجندي هسوي لي؟

الضابط السمين )صوت(: الذي تركع امرأته أسفل السور.

الضابط النحيف )صوت(: ٍّ امرأة جميلة حقا. المرأة: لاحظوا يا حضرات الضباط أنني ما زلت شابة. هل رأيتموني وأنا أجتاز الشارع جريً َّ ا على قدمي ً وأعبر حقل الذرة فرارا من الفلاحين الذين كانوا يطاردونني؟ ومع ذلك لا أشعر بالتعب وأنا أقف أمام السور؟ انظروا إلى ذراعي. إنهما قادرتان على حمل َ دلو ٍّ ين، وقادرتان على القبض على رجل قوي. في استطاعتي أن أمسكه بإصبعين أو بثلاثة أصابع بحيث يتعذَّر عليه الإفلات مني. وإذا كنتم تستطيعون أن تُ ِط ُّلوا عليَّ بأبصاركم الحادة كالصقور التي ترقب الحملان، فلا بد أنكم، يا أصحاب السعادة ويا حضرات ٍ الضباط، لا بد أنكم تلاحظون أن وجهي خال َّ من التجاعيد، وأن عيني سوداوان، تحت ٌ الحاجبين: ماكرة أنا، وشديدة الفتنة.

الضابط النحيف (صوت): ماذا تريد؟ الضابط السمين (صوت) : ماذا تريدين أيتها المرأة؟ أترغبين أن أنزل إليك؟ يمكننا أن يستمتع كل منا بالآخر.

المرأة: أريد أن أرى القيصر. عليه أن يُعيد إليَّ زوجي. زوجي الذي يخدم مع الجنود.

الضابط النحيف: يخدم مع الجنود؟ إذَن فهو بخير.

الضابط السمين (صوت): أجل هو بخير يا امرأة. يجد الكساء الجيد والطعام الطيب. كما يحلو في أعين النساء.

المرأة: لكنني لست بخير يا أصحاب السعادة، يا حضرات الضباط. آه لو عرفتم حالي. ً أنام الليالي الطويلة وحيدة في فراشي، أنا زوجة الجندي هسوي لي. أكلم الجدران، أهتف في الريح، هذا هو ما أفعله.

الضابط النحيف (صوت): يجب أن تتعودي على هذا يا امرأة … ألا يشرفك أن يصبح زوجك أحد جنود القيصر؟

المرأة: بالطبع يشرفني هذا يا أصحاب السعادة. لكن ماذا يُجديني؟ سوف أخونه. وأنا امرأة تعرف فضائل الأسرة وواجبات الزوجة. ولكن إذا لم يرجع إليَّ فسوف أخونه.

الضابط النحيف (صوت): إذا كان قد تطوع بمحض إرادته، فما الذي يدعوه للرجوع؟

المرأة: لقد أخذه القيصر. أعرف هذا تمام المعرفة. هذه هي الحقيقة. وعلى القيصر أن يُسلمه لي. أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر!

الضابط السمين (صوت): ِ ما زلت تنادين على القيصر!

الضابط النحيف (صوت): هل يعرف القيصر الجندي هسوي لي؟

(ضحكات).

الضابط السمين (صوت): هل يعرف أحد منكم الجندي هسوي لي؟

الضابط النحيف (صوت): أليس من الممكن أن يكون قد مات؟

(سكون).

المرأة: أنا أعرفه. وسط ظلام الليل الدامس أعرفه. رائحة السمك تفوح منه، صوته معبَّأ بالدخان، فقد اعتاد أن يُ ِّ دخن أوراق السمسم وعيدان القنَّب، وهذا بطبيعة الحال شيء لا يروق أنوف حضراتكم الرقيقة. وإذا ضحك، استطاعت أذني أن تُميِّز صوته من

بين ثلاثين جنديٍّا.

الضابط السمين (صوت): تقول إنها تعرف زوجها الجندي.

(ضحكات).

المرأة:  لا .. ليس واحدا من هؤلاء الذين أراهم فوق السور. أيها القيصر! أيها القيصر!

الضابط النحيف (صوت): سوف يسمع القيصر صراخها. هيا نقتلها!

الضابط السمين (صوت): صبُّوا الزيت المغلي.

المرأة: أيها القيصر!

الضابط النحيف (صوت): إذا لم تسكتي فسوف نصب ً عليك برميلا من الزيت المغلي.

الضابط السمين (صوت): القيصر قادم!

المرأة (مفزوعة): إنني أرى القيصر، أراه بعيني. متدثِّ ًرا بالقشور الذهبية من رأسه َ إلى كعوب قدم ٌ يه. كأنه سمكة تلمع في شمس الصباح. لقد جاء من أجلي. وأنا أرتجف من الخوف. سأُلقي بنفسي في التراب.

الضابط السمين (صوت): ِ القيصر يسألك إن كنت تستطيعين أن تعرفي زوجك من بين الجنود.

المرأة: سأعرفه على الفور عندما تكون الشمس في ظهري.

الضابط السمين (صوت): القيصر يريد أن يختبرك. وقد أمر جنوده بأن يصطفوا  فوق سور المدينة. انظري إليهم وحاولي أن تتعرفي على زوجك.

المرأة: وإذا عرفته؟

الضابط السمين (صوت): سيسمح له بالذهاب معك.

المرأة: هل تتعهدون بهذا؟

الضابط النحيف )صوت(: ألا تثقين بنا؟

المرأة ِّ (مصممة): لا تترددوا! لا تضيعوا الوقت!

الضابط النحيف (صوت): أيتها المرأة! الآن تسير أمامك الفصيلة التي دافعت أمس عن البوابة الجنوبية.

(يسمع صوت أقدام الجنود في سيرهم أعلى السور دون أن تتمكن المرأة من رؤيتهم).

المرأة: أربعة، خمسة، ستة، الدروع والخوذات تسطع في ضوء الشمس. لا أتبين وجها

ً واحدا. الجميع يتحركون حركة واحدة. كيف يتسنَّى لي أن أعثر بينهم على زوجي؟

الضابط النحيف (صوت): تقدمي أيتها المرأة. ماذا تنتظرين؟

المرأة: َّ ما أشق هذه المهمة! ولكن هذا الذي أراه هناك يتبع الآخرين بصعوبة، يبدو ِّ عليه أنه يفكر أكثر منهم. إنه هو!

(ضحكات).

الضابط النحيف (صوت): وها هو لك! (تُلقى عليها دمية من القش. الجنود يتضاحكون)

المرأة ً (غاضبة): أيها الغشاشون! أيها القتلة السكارى المأجورون! إنكم تهزءون بي!

الضابط السمين (صوت): اهدئي يا امرأة!

المرأة (في خضوع) : أسأل سعادتك العفو والمغفرة. لقد قصر ُت في تقديم الاحترام الواجب.

الضابط النحيف (صوت): لعل زوجك هسوي لي قد سقط في المعركة؟ المرأة: أؤكد لسعادتك أنه كان قويٍّا موفور الصحة.

الضابط النحيف (صوت): سقط عدد كبير من الجنود عند البوابة الجنوبية وكانوا كذلك أصحاء وأقوياء.

المرأة: إنه يُعلق حول رقبته سلسلة بها لوح معدني صغير يحميه.

الضابط النحيف (صوت): دعي خرافاتك للعجائز!

المرأة: ُّ اسمى فان شين-تينج محفور على اللوح، وسوف يردونه إليَّ إذا كان زوجي قد سقط.

الضابط النحيف (صوت): الموتى الذين سقطوا أمس لم يُجردوهم بعد من ملابسهم.

الضابط السمين (صوت): أظهر ِ القيصر عطفه السامي عليك، فقد أصدر أوامره باستعراض الجنود الذين يحرسون جانبي البوابة الجنوبية. وإذا كان زوجك لم يسقط، فلا بد أن يكون بينهم.

المرأة: أتقدم للقيصر بالشكر وأنحني أمامه في خشوع.

(الجنود يزحفون أعلى السور دون أن تراهم المرأة).

المرأة: ثمانية، تسعة، عشرة، أحد عشر، ما أكثر عددهم! خمسة عشر. الجميع يلبسون الدروع الثقيلة والخوذات. كيف أُميِّز زوجي من بينهم؟ هذا الذي هناك يُرجع حافة خوذته للوراء، هسوي لي! لقد كنت تشعر دائما بأن الحر شديد حتى ولو لبست  قميصا من الكتَّان، إنه هو!

الضابط السمين (صوت): أيُّهم؟ المرأة (تشير إلى أعلى بحركات عنيفة): إنه هو! هو!

الضابط النحيف(صوت): َ أأنت هسوي لي، زوج المرأة التي تقف هناك أسفل السور وتطالب بك؟

الجندي (صوت): نعم أنا!

المرأة: انزل يا هسوي لي! اخلع خوذتك لنبيعها في المدينة. واملأ فمك بحفنة من الذرة، فأمامنا طريق طويل.

الجندي (صوت): أريد أن أنزل إليك. ولكني لا أستطيع.

المرأة )بقوة(: ُ قلت لك انزل! أتوسل إليك يا صاحب السعادة أن تصفح عني. إنني أُ ٌ لقي بنفسي في التراب أمام القيصر الجليل. لكنني امرأة شابَّة، وأنتم تدركون، يا أصحاب السعادة ويا حضرات الضباط المحترمين، أنني أريد زوجي. هيا انزل يا هسوي لي، ماذا تنتظر؟

الجندي (صوت): لا أستطيع. المرأة: ٌ جبان! عبد تَ ِعس! ألا تسبق غيرك في الجري عندما تخلع حذاءك؟ ألا تفهم

كيف تنحني عندما يُصوبون السهام نحوك؟

الجندي (صوت): لا أستطيع.

الضابط السمين (صوت): اسمعي أيتها المرأة! إن القيصر الذي يُ ِط ُّل عليك من عليائه يُ ِ بدي عطفه السامي عليك ِ . وهو يقول: يجب على الجندي أن يذهب معك. ولكن يتحتَّم عليكما قبل ذلك أن تُقنعانا بأنه هو زوجك الشرعي وأنك زوجته الشرعية.

الضابط النحيف (صوت): سوف نراقبكما مراقبة َدقيقة. وإذا تبين أنكما خدعتما

القيصر فسوف يُقتل الجندي وتُطاردين وراء النهر. فهمت؟

الضابط السمين (صوت): ِ هل وافقت على هذا الشرط؟ المرأة: ُ انزل يا هسوي لي، يا زوجي الشرعي الذي ق ِسم لي، نريد أن نُ ِّ بين للقيصر الجليل كيف عشنا معا أربع سنوات، أم أنك يا زوجي خائف؟ الجندي )صوت(: أنا قادم.

الضابط النحيف (صوت): انتظر أيها الجندي. أين السلسلة ذات اللوح المعدني التي أعطتك إياها زوجتك عندما تطوعت في الحرب

الجندي (صوت بعد فترة صمت): ليست معي.

المرأة (تتدخل بسرعة في الحديث): باعها يا صاحب السعادة. إنني أعرفه، باعها في

ِ مقابل ثلاث صحاف حقيرة من الأرز. هذا هو طبعه.

الضابط النحيل (صوت): ِّ فكر في الأمر مليا يا جندي. لم يزل في إمكانك التراجع. وسنترك بوابة السور مفتوحة طالما استمر اللعب.

المرأة: لن تأخذوه مني مرة ثانية يا صاحب السعادة. ما بقي حيٍّا فلن تأخذوه مني. 

 

يتبع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ankara escort çankaya escort ankara escort